الصين في الخليج: هل انتهى عصر أميركا؟

·

·


أول قمة عربية صينية في التاريخ 9/12/2022 وأخرى صينية خليجية 9/12/2022 وصفها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بانطلاقة تاريخية جديدة لعلاقات الصين بدول الخليج. فهل هي بداية لفض الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية، واستبدال الأخيرة بالصين؟ استقبال مهيب للرئيس الصيني شي جين بينغ، والطائرات السعودية ترافقه في سماء الرياض، ألم يذكركم هذا الاحتفاء بشيء؟ القبضة التي شغلت الصحافة والرأي العام، استقبال فاتر للرئيس الأميركي جو بايدن في تموز 2022. ما الذي جرى؟ هل نقل بن سلمان بلاده إلى المقلب الشرقي من الكرة الأرضية؟ بالتأكيد لم يفعل!

لكن لنفهم أكثر، علينا العودة قليلاً إلى التاريخ القريب! بالسيف والترس استقبل الأمير السعودي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قدم له مليارات الدولارات من الاستثمارات، ماذا كان الرد الأميركي؟ حديث ترامب : لا أريد خسارة 450 مليار دولار من السعودية شكل هذا الخطاب نقطة تحوّل في العلاقات الأميركية السعودية، جرَح ترامب كبرياء الأمير الشاب، وبدأت بعدها السعودية تبحث عن إعادة تموضع يغنيها عن الإبتزاز الأميركي، ويمكّنها من تنويع شراكاتها الاقتصادية والتجارية وربما مستقبلاً التحالف سياسياً وأمنياً. نظيراً للولايات المتحدة، دخل اللاعب الصيني إلى الحلبة، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، أكبر مستورد للنفط السعودي، الحالم بتنفيذ مشروع طريق الحرير الجديد، أي مبادرة الحزام والطريق، والراغب في أن يصبح صاحب أكبر اقتصاد في العالم بحلول العام 2030.

عند الصين، لا بحث عن نفوذ سياسي، لا إملاءات سياسية، ولا حروب بالوكالة. الإقتصاد يتكلم، وهو بحاجة لإستتباب الأمن في المنطقة تسهيلاً لتنفيذ الحزام.. ورسم الطريق. هو هدف يتلاقى مع ما تبحث عنه دول الخليج العربي، أمن واستثمارات تجارية وتكنولوجية صينية متطورة، ضمن رؤى تلك الدول، رؤية السعودية 2030 رؤية قطر 2030. وما ملعب لوسيل المنجز بأيادٍ صينية والذي أبهر العالم في مونديال قطر سوى خير مثال.

ما نتحدث عنه ليس من سراب، وقد بدأ فعلاً حتى قبل زيارة الرئيس الصيني. طلبيات عسكرية سعودية من الصين تزيد قيمتها عن 4 مليارات دولار أمريكي، أسلحة متقدمة جداً .. من بينها صواريخ باليستية فرط صوتية، طائرات هجومية من دون طيار، وأسلحة لايزرية. سوق ضخم للأسلحة لدول تخصص ميزانيات دفاعية كبيرة كالإمارات والسعودية وقطر والكويت والبحرين.

إقتصادياً، سوق عربي للصين يبلغ تعداده أكثر من 430 مليون نسمة، يفوق عدد سكان الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للصين، موقعه في العالم القديم يتحكّم بأهم طرق التجارة العالمية بين الشرق الأقصى وأوروبا.

بالعودة إلى القمة، فإضافة إلى أنها شهدت توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية تعزز الشراكة بين الطرفين في تنفيذ “مبادرة الحزام والطريق”، استطاعت الصين انتزاع اعتراف جماعيّ بمبدأ وحدتها .. لا استقلال لتايوان اعتراف من شأنه أن يدعم الصين في وجه أي قرار قد يصدر بحقها في الجمعية العامة للأمم المتحدة. درس تعلمته بكين من تجربة حرب روسيا / شريكة الهدف الأسمى لهما: عالم متعدد الأقطاب، وللوصول إليه : التحالفات هي الأهم.

من هنا تمتّن بلاد التنين تحالفاتها ضمن منظمات دولية كـ منظمة بريكس”بريكس” و منظمة شنغهاي “شنغهاي”، وتزيد من تعاونها مع تجمعات إقليمية كمنظمة “آسيان”، وها هي تدخل إلى السوق العربية، من بابها العريض، في ظل اتفاق على عقد نسخة ثانية من القمة في بكين

في المقابل، وعلى الرغم من التبادل العسكري بين تل أبيب وبكين، لكن موقف الأخيرة أكثر وسطية تجاه القضية الفلسطينية. وقد أعادت في البيان الختامي للقمة إعلانها المستوطنات الإسرائيلية احتلالاً غير شرعي متبنيةً حل الدولتين ما قد يسهم في لعبها دور وسيطٍ أكثر اعتدالاً من الولايات المتحدة .. لكن مهلاً .. هل خرجت الولايات المتحدة من اللعبة؟

قطعاً لا، يؤكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن المملكة تريد التعاون مع كل من الولايات المتحدة والصين، وأن الرياض لا تؤمن بالاستقطاب أو الاختيار بين شريك وآخر.

يبدو أن الرياض تطمع بزيادة دورها الإقليمي، عبر الإستفادة من التغيرات التي تحدث في العالم، كصعود الصين، علها تكون لاعباً بين الأقطاب، علماً أن التحالف السياسي والعسكري مع الولايات المتحدة الأميركية متينة وقوية وتتعدى حدود شكليات الإستقبال. أما العلاقات الخليجية الصينية فلا تزال في إطار الشراكة، ولم ترقَ إلى تسمية التحالف بعد فيما لا يمكن للسعودية وجيرانها التخلي عن الولايات المتحدة، في ظل حرب اليمن الصراع مع إيران وصراعهم الإقليمي مع إيران.

إلا أن حواراً إيرانياً سعودياً، بوساطة صينية روسية ربما، سيعيد خلط معالم التحالفات في المنطقة ..

هل تعتقدون أن اللعبة باتت في مراحلها الأخيرة؟ أم أنها لا تزال في البداية؟ هل ستسمح أميركا بحصول ذلك؟ شاركونا آراءكم عبر التعليقات

اشتركوا في قناتنا على يوتيوب لمتابعة كل جديد.

لمتابعة صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي:

فايسبوك: https://www.facebook.com/people/Arab-I/100089569093587/

انستغرام: https://www.instagram.com/arab_i_me/

تويتر: https://twitter.com/arab_i_me

تيك توك: https://www.tiktok.com/@arab_i_me

تلغرام: https://t.me/Arab_I_me


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *