غضب في مصر: الفراعنة سود البشرة؟

·

·


هل كان الفراعنة سود البشرة؟
جدل أعيد للواجهة مع زيارة كيفن هارت إلى مصر ومطالبات بإلغاء حفلته.

هل شارك العرق الأسود حقاً في بناء الحضارة المصرية القديمة؟
ولماذا غضب المصريون عندما أعلن الكوميدي الأميركي كيفن هارت في ديسمبر 2022 أنه سيزور بلادهم في شباط / فبراير 2023؟
للوهلة الاولى، قد يبدو أن الأسئلة السابقة غير مترابطة. لكن الإعلان عن وجود كيفن هارت في مصر ضمن جولة عروض “ستاند أب” كوميدي، أشعل الجدل حول جزء مهم من التاريخ المصري.

مع الكشف عن هوية الضيف الأميركي ارتفعت أصوات غاضبة بين النشطاء المصريين ورواد السوشل ميديا من قدوم هارت، كونه أحد مروجي نظرية المركزية الافريقية التي تنسب الفضل في قيام الحضارة المصرية إلى العِرق الأسود وحده.

وانتشرت تغريدات ومنشورات حول استثمار هارت في سلسلة قصص مصورة ستحول إلى حلقات تلفزيونية قريباً بعنوان (الرمال السوداء).

هذه القصص تصور أبطالها من المصريين القدماء بأنهم جميعاً من عرق واحد، هو العرق الأسود.
وعزّز النشطاء مواقفهم بكلام منسوب لهارت قال فيه:
“لم نكن عبيداً فقط.. تذكروا حين كنّا ملوكاً في مصر”
الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من المصريين، واصفين ذلك باتهامات على غرار:
سرقة التاريخ..
استيلاء ثقافي..
وتزييف الحضارة
وتعالت الأصوات تطالب بمنع كيفين هارت من المجيء إلى مصر وبالغاء حفلته من خلال هاشتاغ:
#CancelKevinHart Show

فما هي نظرية الأفروسنتريزم أو المركزية الأفريقية التي تغضب المصريين اليوم؟

تعود أصول نظرية المركزية الأفريقية إلى طرح “بديل” سياسي في دوافعه يتناول دور ذوي البشرة السوداء في بناء حضارة كبيرة وهامة هي “المصرية القديمة”.

وبدأت كنظرية مقابلة للطرح الذي أسماه المفكرون: “اليوروسنتريزم” أو المركزية الأوروبية والتي تدعي أن حضارات “العرق الأبيض” هي من صدّر الحضارة للعالم مثل الإغريق والرومان.

بدأت الأطروحة بشكل واضح عام 1980 على يد أستاذ جامعي أميركي من أصول أفريقية هو “موليفي أسانتي” الذي نشر كتاباً بعنوان: “المركزية الأفريقية: نظرية التغير الاجتماعي”.

وفيه تناول خلاصة الطروحات التي انتشرت في المجتمعات السوداء منذ الستينيات والخمسينيات بجوار حركات التحرر الإفريقية وحركة الحقوق المدنية في أميركا، ونشر طرحاً يقول فيه إن العرق الأوروبي الأبيض استولى على الحضارة المصرية و”بيّضها” لكي تبتعد عن جذور مشاركة بُناتها الحقيقيين: العرق الأسود.

كما تناول أطروحات غير دقيقة علمياً مثل قوله إن كليوباترا كانت ملكة سوداء البشرة وليست من أصول مقدونية.

وتجادِل الأفروسنتريزم بأن الحضارة المصرية التي كانت “سوداء البشرة” هي من أهدى الإغريق وغيرهم نور الحضارة في البدايات.

وتحاول الأفروسنتريزم ربط إنجاز العرق الأسود منفرداً بما حققه “أجدادهم” من “نوبيي” مصر وسكانها الجنوبيين. وتلاقي النظرية رواجاً بين بعض مواطني دول أفريقية مثل السودان والصومال وإثيوبيا وغيرها.

تتكئ هذه المعلومات على معطيات تاريخية تشير إلى وجود فترات في مصر حَكَم خلالها ملوك “سُود البشرة”، مثل الملك “بعانخي” الذي ينتمي إلى مملكة “كوش القديمة” في شمال السودان.
وتنتشر محاولات لإثبات أن الملكة “تي” زوجة الملك “أمنحوتب الثالث” كانت “سوداء البشرة”، رغم غياب أي بحث علمي دقيق أو تحليل أنثروبولوجي مُثبت لذلك.
لكن السؤال الأهم هنا.. لماذا تغضب هذه النظرية المصريين المعاصرين؟ أوليس الجميع “أفارقة” في نهاية المطاف؟

كثير من النشطاء والمثقفين المصريين يعتنقون فكرة أن تاريخ مصر وحضارتها قاما على يد “المصريين” كطيف متنوع..
وأن المصريين القدماء ظهروا بدرجات ألوان متدرجة من الأبيض إلى القمحي إلى البني ثم إلى الأسود الداكن. ويرفض المصريون اليوم نظرية المركزية الإفريقية ويصرّون على أنها نتاج “حركة سياسية عرقية” نشأت في أميركا، أي في بلد مستقطب عرقياً عانى لقرون من استعباد الإنسان الأسود.
والأفكار الناتجة عنها محاولة من عرق اضطُهد بالفعل، للانتماء لكيان أكبر له جذور “حضارية” عريقة. والأفارقة داكنو البشرة بالفعل هم جزء من الطيف المصري سواء حالياً أو قديماً. بينما يرى البعض أن خطورة حركة الأفروسنتريزم هي احتمالية تسببها في استقطاب عرقي.

ولكن.. بعيداً عن الحركات السياسية والاستقطاب العرقي لنلتفت إلى العلم.. ماذا يقول علم الأجناس والجينات عن المصريين المعاصرين والقدماء حقاً؟

أحد أهم وأبرز أبحاث الأنثروبولوجيا وتحليل خرائط الجينات والتي نشرت في مجلة Nature العلمية، أظهرت عبر تحليل عينات حمض نووي لمصريين حاليين في وسط مصر أن المصريين اليوم يشاركون نسبة 8% إلى 10% فقط مع العرق الأفريقي الأسود.

أما النسبة الأكبر لجينات المصريين المعاصرين، فجاءت من أعراق شمال أفريقية وأوروبية وعربية ومن آسيا الشرق الأدنى. أما عينات الحمض النووي للمصريين القدماء فلا تميل بنسب كبيرة إلى عينات المصريين المعاصرين أو حتى الأفارقة السود.

هذه النتيجة قد تطيح بنظرية الأفروسنتريزم وأفكارها.. كما لا تنسب المصريين الحاليين إلى أجدادهم مباشرة ولكن..
هل كان هناك رابط بين المصريين المعاصرين والقدماء؟ إذا كانت الإجابة بالنفي؛ فلماذا تتشابه كثير من ملامح المصريين القدماء
مع الملامح المصرية المعاصرة التي توصف بـ “الشرق أوسطية”؟

ربما يحتاج العالم إلى مزيد من الدراسات الجادة حول هذا الطرح.
ولكن الأهم هو: هل نظرية “المركزية الأفريقية” دقيقة علمياً؟ أم أنها طرح نظري يدعمه الحشد السياسي والعرقي رداً على استعباد العِرق الأسود؟

شاركونا رأيكم: هل تؤيدون إلغاء حفلة كيفن هارت في مصر؟

اشتركوا في قناتنا على يوتيوب لمتابعة كل جديد.

لمتابعة صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي:

فايسبوك: https://www.facebook.com/people/Arab-I/100089569093587/

انستغرام: https://www.instagram.com/arab_i_me/

تويتر: https://twitter.com/arab_i_me

تيك توك: https://www.tiktok.com/@arab_i_me

تلغرام: https://t.me/Arab_I_me

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *